كتاب تفسير العثيمين: الصافات

سنة] ويحتمل أن يكون ما بين السبع إلى ثلاث عشرة سنة، لأنه إذا زاد على ذلك فقد يستقل بنفسه، وما دون السبع يحتاج إلى من يعوله، ولا تتعلق به النفس كثيرًا لاسيما نفس الأب، أما الأم فقد يكون تعلق نفسها بالصغير أكثر من تعلقها بالكبير، ولكن الأب تتعلق نفسه بمن في مثل هذا السن.
{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} امتحن الله إبراهيم بمحنة عظيمة لا يصبر عليها إِلَّا من كان في مثل حاله، واعلم أن هذا الولد هو بكر إبراهيم، يعني أنه أول مولود وُلد له.
وولد له كما قيل على كبر السن، يعني أنه كان كبيرًا، ولد له هذا المولود البكر الذي ليس له ولد سواه فامتحنه الله، فأراه الله سبحانه وتعالى في المنام أنه يذبح هذا الولد، وهذا خبر بمعنى الأمر، لأن الذبح هنا مجرد فعل، رأى في المنام أنه يذبح ولده، فهو كما لو أُخْبِرَ بأنه يذبح ولده.
والإراءة إخبار بالفعل، ولهذا قيل: الخبر ما ترى لا ما تسمع.
فالله عزَّ وجلَّ أراه أنه يذبحه، وهذا خبر بمعنى الأمر، كما سيأتي إن شاء الله في قوله: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} أراه الله ذلك فلم ينزعج إبراهيم ولم يتأثر واطمأن إلى هذا، ثم عرض الأمر على هذا الابن لا للاستشارة ولكن للاختبار، وإذ لا يمكن أن يستشير إبراهيم ابنه فيما أمره الله به. وإنما عرض عليه الأمر ليختبره بهذا وينظر مدى قوة تحمله لهذا الأمر العظيم.
فلما بلغ معه السعي وأُري ما رأى، {قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى}

الصفحة 226