كتاب تفسير العثيمين: الصافات

شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧)} عن سماعهم إلى الملأ الأعلى، يعني أن السماء حفظت من الشياطين ألا يسمعوا إلى الملأ الأعلى {الْمَلَإِ الْأَعْلَى} الملائكة في السماء، وعُدِّي قال المؤلف: [السماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء].
الملأ في الأصل الجماعة، ويطلق في الغالب على الأشراف، كما يمر كثيرًا في المكذبين للرسل أن الله يقول: {قَالَ الْمَلَأُ}، فالغالب أن الملأ هم الجماعة الأشراف والأعيان في قومهم.
ولا ريب أن الملائكة -عليهم الصلاة والسلام- أشراف؛ لأنهم عباد مسخرون لعبادة الله لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، منهم من أقوم عباد الله في طاعة الله وسيأتينا إن شاء الله في الفوائد هل هم أفضل من البشر، أو البشر أفضل منهم. وهنا يقول: {الْأَعْلَى}، أي الأعلى مكانًا، فإن السماء أعلى من الأرض، ويمكن أن يراد به الأعلى وصفًا فيجمع بين الأمرين، كما أن الله -سبحانه وتعالى- إذا وصف بالأعلى فهو الأعلى مكانًا والأعلى وصفًا.
قال: [وعُدّي السماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء]، هذا جواب عن سؤال مقدر، وهو أن {سَمِعَ} في اللغة العربية تتعدى بنفسها، كما قال الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ} [المجادلة: ١] وهنا قال: {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ} ولم يقل: لا يسمعون الملأ، أجاب المؤلف عنه بأن الفعل ضمن معنى الإصغاء، والتضمين معناه أن يكون الفعل متضمنًا لمعنى يناسب المعمول، سواء كان

الصفحة 27