كتاب تفسير العثيمين: الصافات

مفعولًا به أو مجرورًا، وهل التجوز إذا جاء مثل هذا التعبير هل يكون التجوز بالفعل أي أنه ضمن معنىً يناسب المعمول الذي تعدى إليه الفعل، أو أن التجوز في الحرف. ذكر أهل النحو في ذلك قولين:
القول الأول: وهو للكوفيين أن التجوز في الحرف.
والقول الثاني: أن الفعل متضمن معنى يناسب الحرف المتعدي إليه.
وأبين مثال لذلك قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}. [الإنسان: ٦] لو أننا أخذنا بظاهر اللفظ لكان المعنى أن هذه العين يُشرب بها، ومعلوم أن العين لا يمكن أن يشرب بها, لأنه لا يشرب إلا بالإناء من العين، فالعين لا يُشرب بها وإنما يشرب منها، فهل نقول: إن الباء هنا بمعنى (من) فيكون تجوز بالحرف، أو نقول: أن يشرب متضمن معنى يروى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا} أي يروى بها عباد الله بعد شربهم منها، ذكرنا في هذا قولين لأهل العلم، ولا ريب أن جعل التضمين في الفعل أولى من جعله في المعمول؛ لأنك إذا جعلت التضمين في الفعل استفدت فائدتين:
الفائدة الأولى: ما دل عليه لفظ الفعل.
الفائدة الثانية: ما دل عليه معنى الفعل المتضمن إياه.
أما إذا جعلت التجوز في الحرف فإنك لا تستفيد إلا معنى واحدًا، وهو نزع الحرف وإحلال حرف آخر مكانه، ولم نستفد شيئًا ويبقى الفعل على ما هو عليه بمقتضى دلالة اللفظ، فالحاصل أن القول بأن الفعل يتضمن معنى يناسب الحرف، أو

الصفحة 28