كتاب تفسير العثيمين: الصافات

أو أقل، ثم يحدث الكاهن الناس بما سيكون، فإذا وقع قال: إنه يعلم الغيب، واتخذ من هذا دعاية لنفسه، ولهذا كان الكهان في العرب في الجاهلية كانوا معظمين يتحاكم الناس إليهم, لأنهم إذا أخبروا من هذه الأمور من علم الغيب وقع ما أخبروا به وصار لهم شأن كبير عند الناس، فصار الشياطين ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم لا يمكنه السماع إطلاقًا.
القسم الثاني: قسم آخر يمكن أن يسمع على سبيل الخطف ويحرقه الشهاب.
والقسم الثالث: قسم يسمع على سبيل الخطف، وينجو، وكل هذا بإذن الله -عَزَّ وَجَلَّ- وإرادته تبعًا لحكمته.
وكل هذه الآيات في بيان عظمة السماء، وأن السماء محفوظة محروسة لا يمكن أن يصل إليها أحد.
في هذه الآيات من الفوائد:
١ - بيان أن الله تعالى زين السماء بهذه الكواكب، فإنك إذا رأيت السماء في ليلة صافية ليس فيها قمر ولا حولك إضاءة وجدت لها من الحسن ما لا تتصوره من حسن هذه النجوم، فيها اللامع والخفي والقريب بعضه من بعض والمتباعد بعضه من بعض، والمختلف الأشكال مما يدل على عظمة الخالق عز جل، وأنه سبحانه وتعالى جعل هذه النجوم زينة للسماء.
وفيها أيضًا فائدة غير الزينة أشار إليها بقوله: {وَحِفْظًا}.
وفيها فائدة ثالثة غير الحفظ والزينة: الاهتداء {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦)} [النحل: ١٦] فهذه النجوم فيها هذه الفوائد الثلاث.

الصفحة 31