١٢ - ومن فوائدها: حب الإعذار من الله -عز وجل-، وأنه يحب الإعذار من خلقه، أي إقامة العذر لما فعله -عز وجل- حتى لا ينسب فعله للظلم وللسفه، وتؤخذ من قوله: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢)} يعني ليس في حال لا يلام عليها، حتى يقال: إن في هذا ظلمًا له أو سفهًا في حقه، بل التقمه الحوت في حال هو مستحق فيها لذلك، ولهذا قال: {وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢)}.
١٣ - ومن فوائدها: أن الأنبياء قد يأتون ما يلامون عليه، ولكن ييسر لهم الخروج من ذلك لقوله: {وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢)}.
١٤ - ومن فوائدها: أن الطاعات السابقة تكون سببًا للنجاة من المهلكات اللاحقة، لقوله: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)} فيكون في هذا شاهد لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" (¬١).
وهذا كما أنه مقتضى النصوص القولية فهو مقتضى النصوص الحالية، فإن أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار نفعهمِ الله تعالى بما سبق من أعمالهم الصالحة (¬٢)، فأنت إذا عملت عملًا صالحًا، فإن هذا العمل قد يكون سببًا لنجاتك من مكاره عظيمة، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وهنا قال -عز وجل-: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)}.
---------------
(¬١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١/ ٣٠٧، وصححه محققو المسند (٥/ ١٨ - ١٩) رقم (٢٨٠٣) طبعة مؤسسة الرسالة.
(¬٢) أخرحه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار (٣٤٦٥) ومسلم، كتاب الذكر والدعاء ... باب قصة أصحاب الغار الثلاثة ... (٢٧٤٣).