كتاب تفسير العثيمين: الصافات

٧ - ومن فوائدها: أن الشياطين أجسام لقوله: {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (١٠)} لأنه لا يخرق ولا يحرق إلا ما كان جسمًا وهو كذلك، فإن الشياطين أجسام، لكنهم أجسام لطيفة تخترق الأجسام الكثيفة أجسام البشر، ولهذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام -: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" (¬١).
كما أن الروح تجري من الجسد مجرى الدم، والروح جسم لطيف فكذلك الشياطين أجسام لطيفة تخترق الأجسام الكثيفة.
٩ - ومن فوائدها: أن الله -سبحانه وتعالى- قد يعطي هذه الأجسام اللطيفة قدرة يصلون بها إلى السماء؛ لقوله: {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ}، ولا شك أنهم قد يصلون إلى السماء، وأن لديهم من القوة ما هو أشد من قوة البشر ذوي الأجسام الكثيفة، أرأيتم لما قال سليمان -عليه الصلاة والسلام-: {الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} [النمل: ٣٨ - ٣٩] وكان له وقت معين يقوم فيه من مقامه، فقال: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك. يعني قبل أن يأتي الوقت الذي تقوم فيه، وكان سليمان عليه الصلاة والسلام في الشام، وعرش ملكة سبأ في اليمن، ويقول: آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علم من الكتاب
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف، باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه (رقم ٢٠٣٨)، ومسلم في كتاب السلام، باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خاليًا بامرأة كانت زوجته أو محرمًا أن يقول: هذه فلانة ليدفع ظن السوء به (رقم ٢١٧٤) (٢٣).

الصفحة 33