كتاب تفسير العثيمين: الصافات

أكبر دليل على أنهم -والعياذ بالله- طاغون معتدون.
٧ - ومن فوائد الآيات: أن المعادين للرسل يصفون ما جاءوا به بالصفات القبيحة تنفيرًا للناس منهم، يؤخذ من قوله: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥)} وهم في ذلك كاذبون يعلمون أنه ليس بسحر، لكن قالوا هذا تنفيرًا للناس عن طريق الرسل.
وهل ورثت هذه المقالة؟ الجواب: نعم، ورثت هذه المقالة، من أول من جاء من الرسل إلى عصرنا هذا وإلى يوم القيامة، قال الله -تعالى-: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢)} [الذاريات: ٥٢] كل أعداء الرسل يقولون: هذا ساحر أو مجنون.
هذه الكلمة وأريد جنس هذه الكلمة لا نوعها ورثت، فصار أهل الباطل الآن يلقبون أهل الحق بألقاب السوء، انظر مثلًا إلى أهل التعطيل يلقبون أهل الإثبات بقولهم: حشوية مجسمة مشبهة وما أشبه ذلك، فهم يقولون مثل هذا الكلام من أجل أن ينفروا الناس عن طريق الحق، كذلك -أيضًا- أعداء أهل الحق يقولون هؤلاء رجعيون، هؤلاء متحجرون، هؤلاء متشددون، هؤلاء متزمتون، هؤلاء متنطعون إلى غير ذلك من الألقاب، لكن أهل الحق الذين هم أهله لا يزدادون بهذه الألقاب إلا قوة وثباتًا على ما هم عليه, لأنهم يعلمون أنهم منصورون بنصر الله -عَزَّ وَجَلَّ-، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٧)} [محمد: ٧] وأنا كررت كثيرًا بأن انتصار الإنسان ليس انتصار شخصه فقط، قد ينصر الإنسان في حياته ويتبين له النصر، وقد ينصر بعد مماته،

الصفحة 45