كتاب تفسير العثيمين: الصافات

فيكون الضمير مرجعه مستفاد من الخبر، أي فإنما الزجرة لبعثهم زجرة واحدة، وهذا الذي قدره المؤلف لمرجع الضمير هو الصواب فيكون مرجع الضمير هو الخبر، وقال بعضهم: {فَإِنَّمَا هِيَ} أي البعثة التي يبعثونها، أي ما بعثتهم إلا زجرة واحدة أي بزجرة واحدة، ولكن ما قدره المؤلف أولى. {زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} , قال المؤلف: [أي صيحة] يزجرون بها، فيقال: اخرجوا يعني من القبور. إذا قيل اخرجوا من القبور. خرجوا خروج رجل واحد لا يتخلف منهم أحد، ولا يخرجون ببطء لقوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)} [القمر: ٥٠] فالمسألة لا تحتاج إلى تكرار طلب للخروج ولا إلى مهلة في زمان، بل بمجرد ما يقال: اخرجوا. فإذا هم قيام ينظرون. وهذا من تمام قدرة الرب -عز وجل-.
{فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ}. (الفاء) حرف عطف و (إذا) فجائية أي ففي الحال مفاجئة، هم ينظرون. و (إذا) الفجائية اختلف النحويون فيها: هل هي حرف لا محل لها من الإعراب أو هي ظرف؟ ونحن لا يهمنا أن نقدرها حرفًا أو ظرفًا، المهم أن نعرف المعنى، وهي أنها تدل على المفاجئة يعني يأتي بسرعة.
وقوله: {فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)} يدل على أنهم بمجرد ما يخرجون يكونون أحياء يشعرون، وليس كالطفل الذي يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئًا، فالناس في الدنيا يخرجون من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئًا، ولكن بعدئذ يجعل الله لهم سمعًا وأبصارًا وأفئدة. سمعًا يسمعون به ويعرفون، وإلا فالسمع موجود

الصفحة 51