كتاب تفسير العثيمين: الصافات

قوله {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: ١] لكن أتى هنا بمعنى يأتي، وعبَّر عن المستقبل بالماضي لتحقق وقوعه.
فقوله عز وجل هنا: {وَقَالُوا} أي ويقولون، لكن عبَّر عنه بالماضي لتحقق وقوعه.
وقول المؤلف -رحمه الله-[قالوا أي الكفار، صحيح، ولو أنه قال: وقالوا أي المنكرون للبعث الذين قالوا: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧)} لكان أدق في التفسير؛ لأن الكافر أعم من المنكر للبعث، قد يكفر بغير إنكار للبعث، لكن المسألة فيها شيء من التسامح في التعبير.
وقوله: {يَاوَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠)} قال المؤلف: [ياء للتنبيه ويل مصدر لا فعل له من لفظه]، ولكن يحتمل أن تكون ياء حرف نداء، وأنهم نادوا الويل، كأنهم قالوا: يا ويلنا احضر، فهذا أوانك، والويل معناه هنا شدة التحسر والعذاب، قال تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤)} [المرسلات: ٣٤] أي حسرة وعذاب، فهنا يا ويلنا أي يا حسرتنا ويا عذابنا احضر فهذا أوانك. ويحتمل كما قال المؤلف: إن (ياء) للتنبيه، ولكن إذا قال قائل: هل تأتي ياء للتنبيه؟ الجواب: نعم، فإذا طلب منا مثال لا يحتمل إلا التنبيه، قلنا كقوله تعالى: {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦)} [يس: ٢٦] فإن ياء هنا للتنبيه، لأن ياء لا تدخل على الحروف، وإنما تدخل على الأسماء، ولكن جيء بها للتنبيه، وقوله -رحمه الله-: [ويلنا هلاكنا]، ولكن الويل كما قلت أخص من مجرد الهلاك، بل هو التحسر والعذاب، والويل مصدر لا فعل له من لفظه، ولكن من معناه.

الصفحة 53