كتاب تفسير العثيمين: الصافات

{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)} قال المؤلف -رحمه الله-: [احبسوهم عند الصراط]، الأمر من الله -عز وجل- والخطاب للملائكة فيما يظهر؛ لأن الملائكة هي التي تدبر الخلائق بأمر الله، فيقال للملائكة: قفوا هؤلاء المكذبين المشركين بالله {وَقِفُوهُمْ} يعني وقفوهم أي احبسوهم {إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)} قال المؤلف -رحمه الله-[عن جميع أقوالهم وأفعالهم] وكلمة {إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)} إما أن تكون كما قال المؤلف عامة يعني إنهم مسؤولون عن أقوالهم وأفعالهم وشركهم وانحرافهم وعن كل أحوالهم أو إنها مبينة بقوله: {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥)} فيكون المسئول عنه شيئًا واحدًا وهي أنهم يوقفون ويسألون هذا السؤال {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥)} يقال لهم ذلك توبيخًا وتقريعًا كما قال المؤلف: [ويقال لهم توبيخًا: {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥)} لا ينصر بعضكم بعضًا]، فالآية في الحقيقة محتملة المعنيين:
المعنى الأول: أنكم مسؤولون عن كل الأحوال والأعمال.
المعنى الثاني: أنكم مسؤولون هذا السؤال وهو: {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥)} وأيًا كان ففي الآية توبيخ وتهكم بهم حيث يقال لهم: {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥)} كنتم في الدنيا تتناصرون والذي ينصر هم العابدون ينصرون هذه الأصنام كما مر علينا في آخر سورة يس, {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)} [يس: ٧٥] فالعابدون ينتصرون للآلهة، كما قال أبو سفيان قبل أن يسلم في غزوة أحد قال: اعلُ هبل، يفتخر به وينتصر له، فيقال لهم يوم القيامة: {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥)} يعني أي شيء لكم يمنعكم من

الصفحة 63