كتاب تفسير العثيمين: الصافات

عامة وخاصة.
أما (الرحمن) باعتبار الوصف فهو عام؛ لأنه ذو رحمة واسعة، كما قال تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ} [الأنعام: ١٤٧] هذه البسملة مشتملة على جار ومجرور، والجار والمجرور معمول لابد له من عامل، وهو المسمى بالمتعلق، فيقال مثلًا: الجار والمجرور متعلق بكذا، فأين متعلَّق البسملة؟ قال أهل العلم: متعلق البسملة فعل مقدر، متأخر، موافق للمبدوء به في مادته.
فإذا كنت تريد أن تتوضأ كان تقدير هذا المحذوف: باسم الله أتوضأ، وإذا كنت تريد أن تقرأ كان تقديره: باسم الله أقرأ، وعلى هذا فقس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن لم يذبح فليذبح باسم الله" (¬١) فقدر الفعل يعني ليقول: ذبحت باسم الله.
لماذا قدر فعلًا؟ لأنه الأصل في العمل. ولهذا كانت الأفعال تعمل بدون شرط. والأسماء لا تعمل إلا بشروط، كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة وغير ذلك.
وقدر متأخرًا لوجهين:
الوجه الأول: تيمنًا بالبداءة باسم الله.
والوجه الثاني: من أجل الاختصاص، لأن تأخير العامل عن المعمول يفيد الاختصاص والحصر.
وقدر موافقًا للمبدوء به في مادته، لأنه أخص وأدل على
---------------
(¬١) أخرجه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان (رقم ٦٦٧٤)، ومسلم في كتاب الأضاحي، باب وقتها (رقم ١٩٦٠) (١ - ٣).

الصفحة 8