كتاب تفسير العثيمين: الصافات

عيب ووصف قبيح، سموهم المشبهة والمجسمة والحشوية والغثاء والنوابت والعامة، وما أشبه ذلك من الكلمات التي تفيد القدح، ولكن جعل الله -سبحانه وتعالى- لكل نبي عدوًّا من المجرمين، ولكل متبع نبي عدوًّا من المجرمين، فورث هؤلاء الأصفياء صفوة الخلق وهم الرسل -عليهم الصلاة والسلام- وورث هؤلاء الأشقياء أشقى الخلق الذين يقدحون في الرسل.
١٤ - ومن الفوائد: شدة انتصار هؤلاء المشركين لآلهتهم، انظر كيف قالوا: {أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا} وهذا يدل على شدة انتصارهم لها وحميتهم الجاهلية، وقد سبق في سورة "يس" {يس (١)} أن الله تعالى قال عن هذه الآلهة: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)} [يس: ٧٥] فالأصنام والآلهة لا تنصرهم، وهؤلاء جند محضرون لنصر هذه الآلهة.
١٥ - ومنها: وقوله تعالى: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧)}:
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء بالحق، فكل دينه مشتمل على الحق فيما يتعلق بمعاملة الله تعالى أو فيما يتعلق بمعاملة عباد الله.
وقد قال الله تعالى في وصف القرآن الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩] هذه الكلمة لو صنفت عليها مجلدات ما استوعبت مدلولها {يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} في كل شيء، في العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات إيجادًا أو تركًا، ولو أنك تتبعت الشريعة بقدر ما تستطيع لوجدت أن هذا الوصف منطبق على جميع خصال

الصفحة 86