كتاب تفسير العثيمين: الصافات

الشريعة، كل خصال الشريعة أقوم من كل شيء، وهنا يقول: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ} ضد الحق هو الباطل، والباطل إما كذب في الأخبار، وإما جور في الأحكام، ولهذا قال الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: ١١٥] وذكرنا لقوله {بِالْحَقِّ} معنى آخر غير كون ما جاء به حقًّا، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - صادق فيما جاء به فما جاء به حق، وهو صادق في قوله: إنه من عند الله، وليس بكاذب.
١٦ - ومن فوائدها: الثناء على ما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- لقوله: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ} بل والثناء على الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث وصفه بأنه جاء بالحق ولا شك أن من وصف من عند الله بأنه جاء بالحق لا شك أن هذا من أعظم المناقب والأوصاف الحميدة.
١٧ - ومن فوائدها: الإشارة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر الرسل لقوله: {وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧)} فإن "ال" للعموم فتقتضي كل رسول، وهذا يشير وليس بصريح إلى خاتم النبيين، كما قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠].
الآية لها مدلول عظيم، قال: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، وكان مقتضى السياق أن يقول، "ولكن رسول الله وخاتم الرسل"، أو يقول: "ولكن نبي الله وخاتم النبيين"، لكن قال رسول الله؛ لأن وصف الرسالة أعلى من وصف النبوة، وخاتم النبيين يعني لن يأتي بعده لا رسول ولا نبي وهو كذلك، فهو -عليه الصلاة والسلام- أفضل الرسل، ولن يأتي بعده لا نبي ولا رسول.

الصفحة 87