كتاب تفسير العثيمين: الصافات

المقصود، فأنت إذا أردت أن تتوضأ وقلت: باسم الله أتوضأ، كان أخص مما لو قدرت باسم الله أبتدئ.
قال الله عز وجل: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (٢)} الواو هنا للقسم، والقسم تأكيد الشيء بذكر معظم بصيغة مخصوصة.
فقولنا: "تأكيد الشيء" هذه هي فائدة القسم، أنه يفيد التوكيد بذكر معظم، كأن المقسم يقول: إنني أؤكد هذا، كما أؤكد عظمة المحلوف به، ولا يمكن أن أحلف بهذا العظيم عندي إلا على أمر مؤكد.
وقولنا: "بصيغة مخصوصة" هي صيغة القسم، وحروف القسم ثلاثة: الواو، والباء، والتاء.
فالواو: أكثرها استعمالًا. والباء أكثرها صيغة، يعني أن الباء يُحلَف بها مع وجود الفعل وحذفه، وتدخل على الظاهر وعلى المضمر. والتاء أخص من الواو.
فإذًا أعم حروف القسم بالنسبة للاستعمال الباء؛ لأنها تستعمل مع وجود الفعل فتقول: أحلف بالله لتفعلنَّ كذا. ومع حذفه فتقول: بالله لتفعلنَّ كذا.
وتستعمل أيضًا مع الاسم الظاهر مثل: أحلف بالله.
ومع الاسم المضمر مثل: إن الله -وبه أحلف- لعلى كل شيء قدير، فهنا دخلت الباء على الضمير.
أما الواو فهي أكثرها استعمالًا، لكنها لا تدخل إلا على الظاهر، ولا يذكر معها فعل القسم.

الصفحة 9