كتاب البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر (اسم الجزء: 1)

وقال الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف: "والحق أنّ السيوطي أهل للاجتهاد المطلق، وقد كملت عنده أدواته على ما اشترطه الأصوليون. . . " (¬1).
حينما ادعى السيوطي الاجتهاد المطلق نابذه معاصروه العداء، ورموه عن قوس واحدة، واجتمعوا وكتبوا له سؤالا فيه مسائل أطلق الأصحاب فيها وجهين، وطلبوا منه -إن كان عنده أدنى مراتب الاجتهاد، وهو اجتهاد الفتوى- فليتكلم على الراجح من تلك الأوجه بدليل على قواعد المجتهدين، فرد السؤال من غير كتابة، واعتذر بأنّ له اشتغالًا يمنعه من النظر في ذلك (¬2).
وقال الشمس الرملي عن والده أبي العباس الرملي أنه وقف على ثمانية عشر مسألة فقهية سئل عنها الجلال من مسائل الخلاف المنقولة، فأجاب عن نحو شطرها من كلام قوم متأخرين كالزركشي، واعتذر عن الباقي، بأنّ الترجيح لا يقدم عليه إلا جاهل، أو فاسق، قال الشمس: فتأملت فإذا أكثرها من المنقول المفروغ منه! ! .
فقلت: سبحان اللَّه، رجل ادعى الاجتهاد خفي عليه ذلك (¬3).
وعلى كل حال فواقع السيوطي، وما نقل إلينا من علمه،
¬__________
(¬1) مقدمته على التدريب (1/ 23).
(¬2) دليل مخطوطات السيوطي (ص 18).
(¬3) فيض القدير (1/ 12).

الصفحة 91