كتاب البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر (اسم الجزء: 1)

ومصنفاته تشهد له بالإمامة في علوم الشريعة والتقدم، وأنه عالم موسوعي، حافظ جماع، "له الباع الطويل في العربية، والتفسير بالمأثور، وجمع المتون، والاطلاع على كثير من المؤلفات، والأجزاء، والتآليف التي لم يطلع عليها علماء عصره" (¬1).
ولكن يبقى سؤال يدور في خَلَد العالم والمتعلم وهو: لماذا كان السيوطي شديد الاعتداد لمه، مفاخرًا بعلمه -حتى ولو بلغ درجة الاجتهاد كما قال- علمًا بأنّ علماء السلف مِمَّن مضى كانوا يكرهون تزكية النفس، ويكرهون الشهرة آخذين بقول اللَّه تعالى:
{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ. . . .} (¬2) الآية؟
والجواب: "أن المتتبع لحياة السيوطي العلمية والاجتماعية يجد أن الرجل كان واقعًا تحت ضغوط التهجم المستمر من بعض علماء زمانه، وهو دائمًا متهم بالسرقة منهم أو من غيرهم، وهو من كل الاتهامات بريء، فكان عليه أن يدفع عن نفسه تلك التهم بشكل يكاد يكون متواصلًا" (¬3): فلعل هذا من الأسباب التي جعلته يظهر ما أظهر من دعوى الاجتهاد، وأن مخالفيه لم يبلغوا هذه المرتبة.
¬__________
(¬1) دليل مخطوطات السيوطي (ص 18).
(¬2) سورة النجم: الآية 32.
(¬3) كتاب الجلال السيوطي د/ الشكعة (ص 119).

الصفحة 92