كتاب مرويات الإمام الزهري في المغازي (اسم الجزء: 1)

ذلك، ولكن أنظروني حتى أنظر هل لهم مدد أو خبيء، فأطاف حولهم وبعثوا خيلهم معه، فأطافوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم رجعوا، فقالوا: لا مدد لهم ولا خبيء، وإنما هم أكلة جزور طعام مأكول، وقالوا لعمير: حَرِّش بين القوم، فحمل عمير على الصف ورجعوا بمائة فارس، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه: لا تقاتلوا حتى أوذنكم1، وغشيه نوم فغلبه، فلما نظر بعض القوم إلى بعض، جعل أبو بكر يقول: يا رسول الله قد دنا القوم ونالوا منا، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أراه الله تعالى إياهم في منامه قليلاً، وقلل المسلمين في أعين المشركين حتى طمع بعض القوم في بعض، ولو أراه عدداَ كثيراَ لفشلوا ولتنازعوا في الأمر، كما قال الله عز وجل، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فَرَسان: أحدهما لأبي مرثد الغنوي، والآخر للمقداد بن عمرو.
وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فوعظهم وأخبرهم أن الله تعالى قد أوجب الجنة لمن استشهد اليوم، فقام عمير بن حُمام2 أخو بني سلمة عن عَجِين كان يعجنه لأصحابه حين سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن لي الجنة إن قُتِلتُ؟
قال: نعم، فشدّ على أعداء الله مكانه فاستشهده الله تعالى، وكان
__________
1 انظر ما يؤيده في صحيح مسلم بشرح النووي 13/ 45.
2 هو عمير بن الحُمام بضم المهملة، وتخفيف الميم ابن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري السلمي، الإصابة 3/31.

الصفحة 222