كتاب إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان - ت الحفيان

قال -رحمه الله-: «الطلاقُ مِن ضرورات الاجتماع التي لا بُدَّ منها، ولا مَندوحة عنها، وقد اعترف كثيرون مِن عُقلاء الفِرِنْجة والأمريكان بذلك، بل إنَّ بلاد أمريكا أصبح الطلاقُ فيها أكثر شيوعاً منه في سائر البلاد الإسلامية، والسببُ في ذلك: تفريطُهم وإفراطهم، فقد أحكموا في الأول عُقْدة النِّكاح إحكاماً، صيَّروا به حلَّها جناية وأثاماً! وقد بالغوا في الثاني في حلِّها حتى صارت أوهى مِن بيت العنكبوت!
أما المسلمون؛ فَيَرَوْنَ الطَّلاقَ رُخصةً من الرُّخَص التي يُصار إليها عند الاضطرار، كما أرشدهم إلى ذلك دينهم، وهكذا يكون شأن الأمة الوسط: لا تفريطَ ولا إفراط، وهذه هي الخُطَّة التي تحوم حولها القلوب، وتهفو إليها النفوس؛ لأنَّ تحريم الطلاق تحريماً قطعيّاً من الحرج الذي لا يُطاق ولا تستقيم معه حال الاجتماع، وإباحتُه إباحةً عامة من دونِ شَرْطٍ ولا قيد من العبث المُخلِّ المفسدِ لنظامِ الأُسرِ والبيوتات.
ولقد يَظُنُّ كثيرون مِن الفِرِنْجة والمتفرنجين الذين ينظرون إلى الإسلام بعيون حُولٍ: أنَّ الطلاق يقع بالكلمة تقذفها بادرةُ غضب، فتصبح عُقدةُ النِّكاح المحكمةُ مفكَّكةً محلولة، وتُمسي الزوجُ التي لم تَجْنِ ذنباً أجنبيةً غير حليلة، ويرون أنَّ ذلك ليس مما يلتئم مع

الصفحة 17