كتاب إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان - ت الحفيان

فصل
الوجه الثاني مِن دلالة الكتاب: قوله سبحانه: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [يُونس: ١١]، وفي «تفسير ابنِ أبي نَجيح» (¬١)، عن مجاهدٍ: «هو قولُ الإنسانِ لولدِه ومالِه إذا غَضِبَ عليهم: اللَّهُمَّ لا تباركْ فيه؛ والْعَنْهُ»؛ فلو يُعجِّلُ لهم الاستجابةَ في ذلك كما يُستجاب في الخير لأهلكهم.
انتهضَ الغضبُ مانعاً مِن انعقادِ سبب الدُّعاء؛ الذي تأثيرُهُ في
---------------
(¬١) (ص/٢٩٢) ورواه -أيضاً- ابن جرير الطبري في «تفسيره» (١١/ ٩٢)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١٠٢٥٥).
وابن أبي نجيح هو: عبد الله بن أبي نجيح يَسار المكي، قال ابن حجر في «التقريب»: ثقة، ورُمي بالقدر، وربما دلَّس ا. هـ. ولكن لم يسمع التفسير من مجاهد، قال سفيان بن عيينة: تفسير مجاهد لم يسمعه من إنسان إلا من القاسم بن أبي بزّة. «تاريخ الدوري» (٤٢٦). قال ابن حبان: ابن أبي نَجيح نظير ابن جريج في كتاب القاسم بن أبي بزّة عن مجاهد في التفسير، رويا عن مجاهد من غير سماع. «تهذيب التهذيب» (٦/ ٥٤).
إذاً؛ الواسطة بينهما: ابن أبي بزّة، وهو ثقة روى له الجماعة؛ لذلك صحّح سفيان الثوري، وابن تيمية وغيرهم من الأئمة تفسيره عن مجاهد، وعدّوه من أصح التفاسير. انظر: «تهذيب التهذيب»، و «مجموع الفتاوى» (١٧/ ٤٠٨، ٤٠٩).

الصفحة 45