كتاب إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان - ت الحفيان

في هذه الصُّورة.
الصورة الثانية: أن يكون قد غَضِبَ عليها لأمرٍ قد عَلِمَ وقوعَه منها، فتكلَّم بكلمةِ الطلاقِ قاصداً للطلاقِ؛ عالماً بما يقول؛ عقوبةً لها على ذلك. فهذا يقعُ طلاقُه، إذ لو لم يقعْ هذا الطلاقُ لم يقعْ أكثرُ الطلاقِ، فإنَّه غالباً لا يقعُ مع الرضا (¬١) (¬٢).
الصورة الثالثة: ألَّا يقصدَ أمراً بعينه، ولكن الغضب حَمَلَه على ذلك، وغيَّر عقلَه، ومَنَعَه كمالَ التصوُّرِ والقصدِ، فكان بمنزلة الذي فيه نوعٌ مِن السُّكر والجنون، فليس هو غائبَ العقل؛ بحيث لا يفهم ما يقول بالكلية، ولا هو حاضرَ العقل؛ بحيث يكون قصدُه معتبراً، فهذا لا يقعُ به الطلاقُ أيضاً، كما لا يقع بالمُبَرْسَم والمجنون؛ يوضِّحه:
الوجهُ الرابعَ عشَرَ: أنَّ المجنونَ والمُبَرْسَمَ والموسوَسَ والهاجرَ
---------------
(¬١) «مع الرضا» في الأصل: «إلا مع الرضا» ثم ضُرب على «إلا».
(¬٢) بهذا التفصيل والتحرير يُعلم سقوط ما قاله الفارسيُّ في «مجمع الغرائب» حيث رَدَّ على مَن قال: «الإغلاقُ: الغضب». وغلَّطه في ذلك، وقال: «إن طلاق النَّاس غالباً إنما هو في حال الغضب» كما نَقَله عنه في «فتح الباري» (٩/ ٣٨٩).
ووجه السقوط: أن الغضب المراد من الحديث ليس علي إطلاقه، بل المراد نوع منه، كما يدلُّ التعبير عنه بالإغلاق، وتقدم لنا ص (٥٥) مناقشة ابن المرابط بمثله. (القاسمي).

الصفحة 84