كتاب إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان - ت الحفيان

الوجهُ الثاني والعشرون: أنَّ نِكاح هذا مُثْبَتٌ بالإجماع، فلا يزول إلا بإجماعٍ مثلِه.
وإنْ شئتَ قلتَ: نِكاحُه قبل صدورِ هذا اللفظ منه ثابتٌ بالإجماعِ، والأصلُ بقاؤه حَتَّى يثبت ما يرفعُه.
الوجهُ الثالثُ والعشرون: أنَّ جمهورَ العلماء يقولون: إنَّ طلاق الصَّبيِّ المُميِّزِ العاقلِ لا ينفذُ ولا يصحُّ - هذا قول أبي حنيفة (¬١)، ومالكٍ (¬٢)، والشافعيِّ (¬٣)، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد (¬٤)؛ اختارها الشَّيخُ أبو محمد (¬٥)، وهو قولُ إسحاق - مع كونه عارفاً باللفظ، وموجبه بكلماته اختياراً وقَصْداً، وله قَصْدٌ صحيحٌ، وإرادةٌ صحيحةٌ، وقد أمر اللهُ سبحانه بابتلائه واختباره في تصرُّفاتِه. وقد نفذ عُمرُ بن الخطَّاب وصيَّته (¬٦). واعتبرَ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَصْدَه
---------------
(¬١) «شرح فتح القدير» (٣/ ٤٨٧).
(¬٢) «المدونة» (٦/ ٢٥)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٤٥٣).
(¬٣) «الأم» (٥/ ٢٢٠)، «الوسيط» للغزالي (٥/ ٣٧٢).
(¬٤) المذهب: يقع طلاق المميز إنْ عقل معناه. (محمد بن مانع).
(¬٥) «الإنصاف» (٢٢/ ١٣٥، ١٣٦).
(¬٦) رواه مالك في «الموطأ» (٢/ ٥٨٤)، والدَّارمي (٣٣٣٠)، والبيهقي (٦/ ٢٨٢).
قال الحافظ ابن حجر: هو قوي، فإنَّ رجاله ثقات، وله شاهد. «الفتح» شرح حديث (٢٧٣٨). قال الألباني: صحيح. «الإرواء» (١٦٤٥).

الصفحة 98