كتاب إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان - ت الحفيان

واختياره في التخيير بين أبويه (¬١)، فالغضبانُ الشديدُ الغضب الذي قد أُغلقَ عليه بابُ القصدِ والعِلْم أَولى بعَدَمِ وقوعِ طلاقِه مِن هذا بلا ريب.
فإن قيل: الغضبانُ مكلَّفٌ، وهذا غيرُ مكلَّفٍ؛ لأنَّ القلمَ مرفوعٌ عنه.
قيل: نعم، الأمرُ كذلك، ولكنْ لا يلزمُ مِن كونه مكلَّفاً أن يترتَّبَ الحكم على مجرَّد لفظِه كما تقدَّم، كيف والمُكره مكلَّف؛ ولا يصحُّ طلاقُه، والسَّكرانُ مكلَّفٌ، والمريضُ مكلَّفٌ، فلا يلزم مِن كون العبد مكلَّفاً ألَّا يعرِض له حالٌ يمنعُ اعتبارَ أقوالِه ونقص (¬٢) أفعاله.
الوجهُ الرابعُ والعشرون: أنَّ غايةَ التلفُّظِ بالطَّلاق أن يكون جزءَ سبب، والحكمُ لا يتمُّ إلا بعد وجودِ سببه وانتفاء مانعه، وليس مجرَّدُ التلفُّظِ سبباً تاماً باتِّفاقِ الأئمة كما تقدَّم؛ وحينئذٍ: فالقَصْدُ
---------------
(¬١) رواه عبد الرزاق (١٢٦١١)، (١٢٦١٢)، وسعيد بن منصور (٢٢٧٥)، وأحمد (٢/ ٤٤٧)، وأبو داود (٢٢٧٧)، والترمذي (١٣٥٧)، والحاكم (٤/ ٩٧) من حديث أبي هريرة، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وصححه ابن القطان أيضاً في «بيان الوهم والإيهام» رقم (٢٤٢١).
(¬٢) «نقص» كذا في الأصل، ولعل الصواب: «نقض» ويكون المعنى أنه عرض له حالٌ ألغى أحواله ونقض أفعاله. والله أعلم.

الصفحة 99