كتاب أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة
حتى بلغ البلاغ المبين، وترك الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.
وشربت نفوس الصحابة -رضوان الله عليهم- ذلك العلم، فعملوا به وعلّموه لمن بعدهم. وظل هذا العلم والنور الإلهي ينقله من كل عصر عدوله، وبقي ظاهراً جلياً سليماً في جماعة من الناس محفوظاً بحفظ الله إلى أن يأتي أمر الله.
ورغم هذا البيان الواضح والحفظ للرسالة، سرت في الأمة الإسلامية سنة الله الجارية، وقضاؤه النافذ بوقوع الاختلاف بعد العلم والبينة، بسبب بغي الناس وتعديهم، وبفعل الطبائع الشريرة الحاقدة المعادية للخير.
فكان الخلاف في هذه الأمة أوسع منه فيمن قبلها، كما كان البيان فيها أوضح، وقد وردت الإشارة لذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا إن مَن قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة " 1.
__________
1 رواه الإمام أحمد، المسند 4/102، مسند معاوية بن أبي سفيان.
ورواه أبو داود - واللفظ له -،كتاب السنة، باب شرح السنة ط الحلبي 2/503.
وأخرجه الحاكم وقال: "هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث" ووافقه الذهبي. المستدرك 1/128.
وقال الألباني: "فقد تبين بوضوح ان الحديث ثابت لا شك فيه، ولهذا تتابع العلماء خلفاً عن سلف على الاحتجاج به" السلسلة الصحيحة ج1 ح (204) .