كتاب العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني
بِلَا جَنَاحٍ فَأَنْتَ للطَّلَبِ وَأَنْتَ لِلْهَرَبِ، وَسَأَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِكَ رِجَالًا يُسَبِّحُونِي وَيُكَبِّرُونِي وَيُهَلِّلُونِي وَيُؤْمِنُونَ بِي، تُسَبِّحُنِي إِذَا سَبَّحُونِي، وَتُكَبِّرُنِي إِذَا كَبَّرُونِي، وَتُهَلِّلُنِي إِذَا هَلَّلُونِي، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَلَيْسَ مِنْ تَسْبِيحَةٍ وَلَا تَكْبِيرَةٍ وَلَا تَهْلِيلَةٍ يُسَبَّحُهَا صَاحِبُهَا إِلَّا وَهُوَ يَسْمَعُهَا فَيُجِيبُهُ بِمِثْلِهَا فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ الصِّفَةَ، وَخُلِقَ الْفَرَسُ قَالَتْ: يَا رَبِّ نَحْنُ مَلِائِكَتُكَ نُسَبُّحُكَ وَنُكَّبِرُكَ وَنُهَلِّلُكَ فَمَاذَا لَنَا؟ قَالَ: فَخَلَقَ لِلْمَلَائِكَةِ خَيْلًا بُلْقًا لَهَا أَعْنَاقٌ كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ أَمَدَّهَا مَنْ شَاءَ مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ ثُمَّ أَرْسَلَ الْفَرَسَ فَصَهِلَ فَقَالَ: بَارَكْتُكَ أُذِلُّ بِصَهْيلِكِ الْمُشْرِكِينَ أَمْلَأُ مِنْهُ آذَانَهُمْ وَأُرَوِّعُ بِهِ قُلُوبَهُمْ وَأُذِلُّ بِهِ أَعْنَاقَهُمْ، قَالَ: فَجَمَعَ مَا خَلَقَ مِنْ شَيْءٍ فَعَرَضَهُ عَلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ فَقَالَ: يَا آدَمُ اخْتَرْ مِنْ خَلْقِي مَا شِئْتَ فَاخْتَارَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْفَرَسَ فَقَالَ الرَّبُّ تَعَالَى: «اخْتَرْتَ عِزَّكَ وَعِزَّ وَلَدِكَ خَالِدًا مَعَهُمْ مَا خَلَدُوا تُلَقَّحُ فَتُنْتِجُ مِنْهُ أَوْلَادًا أَبَدَ الْآبِدِينَ وَدْهَرَ الدَّاهِرينَ بَرَكَتِي عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمْ فَمَا خَلَقْتُ خَلْقًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، ثُمَّ وَسَمَهُ بِجَمالِ الْجَلَالَةِ وَعِزَّهُ، فَصَارَ ذَلِكَ فِي وَلَدِهِ»
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّاجِرُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى -[1780]- الزَّجَّاجُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §" مَا مِنْ فَرَسٍ عَرَبِيٍّ إِلَّا يُؤْذَنُ لَهُ بِدَعْوَةٍ فِي كُلِّ فَجْرٍ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَوَّلْتَنِي مَنْ خَوَّلْتَنِي مِنْ ابْنِ آدَمَ فَاجْعَلْنِي أَحَبَّ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِلَيْهِ
الصفحة 1779