كتاب دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه (اسم الجزء: 1)

ومن الأخبار المروية في تعذيب عمر للمستضعفين ما روي عن أم عبد الله بنت أبي حثمة قالت: والله إنا لنرتحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر1 في بعض حاجتنا، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علي وهو على شركه - قالت: وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا. قالت: فقال: إنه للانطلاق يا أم عبد الله. قالت: فقلت: نعم والله لنخرجن في أرض الله آذيتمونا، وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا مخرجاً. قالت: فقال: صحبكم الله، ورأيت له رقة لم أكن أرها، ثم انصرف، وقد أحزنه - فيما أرى - خروجنا قالت: فجاء عامر بحاجته تلك، فقلت له: يا أبا عبد الله، لو رأيت عمر آنفاً، ورقته وحزنه علينا قال: أطمعت في إسلامه؟ قالت: قلت: نعم، قال: فلا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب، قالت: يأساً منه، لما كان يرى من غلظته وقسوته عن الإسلام2.
____________________
1 هو: زوجها عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن ربيعة العَنَزي حليف بني عدي ثم الخطاب والد عمر، كان آحد السابقين الأوّلين وهاجر إلى الحبشة ومعه امرأته ليلى بنت أبي خيثمة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدراً وما بعدها. مات سنة سبع وثلاثين. ابن حجر/ الإصابة 2/249.
2 رواه ابن هشام/ السيرة النبوية 1/423، قال ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن ابن الحارث بن عبد الله بن عياش عن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه أم عبد الله بنت أبي حثمة قالت: إنا لنرتحل ... الخ.
وعبد الرحمن بن الحارث صدوق له أوهام من الطبقة السابعة. تق 338، وعبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن ربيعة هو العدوي، ذكره البخاري في التاريخ الكبير 6/13 وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 5/385، وابن حجر في لسان الميزان 4/33. وتعجيل المنفعة ص 261، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً وذكره ابن حبان في الثقات 7/110.
وأمه ـ الظاهر أن المراد بها أم عبد الله بن عامر وليس أم عبد العزيز، لأن المزي ذكر في ترجمة عبد الله بن عامر بن ربيعة أن أمه هي أم عبد الله بنت أبي حثمة زوجة الصحابي الجليل عامر بن ربيعة، تهذيب الكمال 15/141، فالسند ضعيف للجهالة بحال عبد العزيز بن عبد الله.

الصفحة 105