كتاب دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه (اسم الجزء: 1)

وموقفه رضي الله عنه من صلح الحديبية مشهور، فقد أعطت بنود هذا الصلح قريشاً حقوقاً وصلاحيات حرم منها المسلمون، فكان من تلك البنود: أن من أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً من قريش رده إليهم، فقال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟! فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف1 في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل2: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأجزه لي"، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: "بلى فافعل"، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز3: بل قد أجزناه، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً ألا ترون ما لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً
____________________
1 يَرسف: مشي المقيد إذا جاء يتحامل برجله مع القيد. ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث 2/222.
2 سهيل بن عمرو بن عبد شمس القرشي العامري، كان أحد أشراف قريش، وكان من مسلمة الفتح. ابن حجر / الإصابة 2/93،94.
3 مُكَرِّز هو ابن حفص ذكر في أول الحديث، أتى النبي صلى الله عليه وسلم من قبل قريش، ليتفاوض معه وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا مكرز وهو رجل فاجر".

الصفحة 489