كتاب دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه (اسم الجزء: 1)

منهم: قتلتم سعد بن عبادة1، فقلت: قتل الله سعد بن عبادة، وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرض، وإما نخالفهم فيكون فساد، فمن بايع رجلاً على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا2.
____________________
1 قوله قتلتم سعد بن عبادة: أي كدتم أن تقتلوه، وقيل هو كناية عن الإعراض والخذلان، وقول عمر: اقتلوه، قتله الله لم يرد حقيقته. المصدر السابق 7/153.
2 تَغِرة: أي حذراً من القتل والمعنى أن من فعل ذلك أي مبايعة من يريد مبايعته من غير مشورة المسلمين فقد غرر بنفسه وصاحبه، وعرضهما للقتل، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه في هذا الخبر قوله: فلا يغترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها كانت كذلك، ولكن وقى الله شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر.
ومراد عمر رضي الله عنه بذلك أن بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت سريعة، وغاب عنها من كان ينبغي أن يشاور، ويؤخذ رأيه، ووقى الله شر تلك السرعة التي لم تكن فيها مشورة جميع من ينبغي أن يشاور، فأطاع الناس أبا بكر كلهم من حضر البيعة ومن غاب عنها، ولم يقع اختلاف ومعارضة ممن غاب عن المشورة، فيحدث الشر بذلك وبيّن عمر رضي الله عنه أن ذلك كان من خصوصيات أبي بكر لأنه ليس في الناس مثله، وأفضل منه، فلا يغتر أحد بذلك، ويبايع أحداً بالإمارة والخلافة من غير أن يشاور أهل الرأي والحل والعقد لأنه بذلك يعرض نفسه ومن بايعه للقتل، وقد بين عمر رضي الله عنه السبب في إسراع الناس في مبايعة أبي بكر، وهو خشية الفتنة، ووقوع الاختلاف لأن الأنصار كانوا يريدون مبايعة سعد بن عبادة. انظر: ابن حجر / فتح الباري 12/144-156.
رواه البخاري / الصحيح 2/291، 338، 4/179،265، عبد الرزاق / المصنف 5/439، ابن أبي شيبة /المصنف 7/431 وغيرهم.

الصفحة 517