كتاب دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه (اسم الجزء: 1)

روي أن خالداً رضي الله عنه لما قاتل المرتدين يوم البطاح، بزعامة مالك بن نويرة وقع مالك في الأسر في نفر من قومه، فجيء بهم إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه، واختلف في أمرهم، فقال بعض جند خالد وفيهم أبو قتادة1: أن مالكاً ومن معه أذنوا، وأقاموا، وصلوا، وقال بعضهم: لم يفعلوا ذلك، فأمر خالد رضي الله عنه بهم، فحبسوا حتى يستوثق من أمرهم، وكانت تلك الليلة شديدة البرد، فأمر خالد رضي الله عنه بأن يدفأ الأسرى، وكانت كلمة أدفئوا في لغة أهل تلك الناحية بمعنى اقتلوا، فقتلوا جميع الأسرى، فقال أبو قتادة رضي الله عنه لخالد بن الوليد رضي الله عنه: هذا عملك! فزبره خالد، فغضب ومضى إلى أبي بكر بالمدينة، فغضب عليه، وأمره أن يرجع إلى خالد ولا يعود إلا معه، وتزوج خالد من زوجة مالك بن نويرة، وكانت العرب تكره النساء في الحرب وتعايره، فقال عمر لأبي بكر: إن في سيف خالد رهقاً2، فإن لم يكن هذا حقاً حق عليه أن تقيده، وأكثر عليه في ذلك، وكان أبو بكر لا يقيد من عماله، فقال: هيه يا عمر، تأول فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد،
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص: 410.
2 رهقاً: أي عجلة. ابن منظور / لسان العرب 5/346.

الصفحة 533