كتاب المهروانيات (اسم الجزء: 2)

"هَذا حديثٌ غريبٌ مِنْ حَدِيثِ عُروة بْنِ الزُّبير عَنْ عائِشة أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ (¬1) ، وَمِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبيه، لَا أَعلم رَوَاهُ غَيْرُ الْعَلَاءِ بْنُ المنهال الغنويّ عنه (¬2) ".
¬_________
(¬1) وتابع عروة في روايته لهذا الحديث جماعةٌ ... وسيأتي ذكرهم (انظر ص/961) .
(¬2) الحديث من طريق قطبة بن العلاء رواه أيضا: وكيع في: (أخبار القضاة 1/38) ، والخرائطيّ في: (مساوئ الأخلاق ص/111 ورقمه/231) ، وابن المطيريّ في: (حديثه [7/أ] ) ، وابن البختريّ في: (فوائده [12/أ] ) ، وابن الأعرابيّ في: (المعجم [82/أ] ) ، والعقيليّ في: (الضّعفاء 3/343) ، وابن عديّ في: (الكامل 6/53) ، وأبو الحسن بن الصلّت في: (حديث ابن عبد العزيز الهاشميّ [86/أ] ) ، وابن شاذان في: (الفوائد [1/118 أ] ) ، وابن بشران في: (الأمالي [144- 145] ) ، والقضاعيّ في: (الشّهاب 1/299 رقم/498) ، والبيهقيّ في: (الزّهد الكبير ص/331 ورقمه/887، 888) ، وغيرهم، كلّهم من طرق عنه به ...
وفيه: قطبة بن العلاء ضعيف (كما تقدّم ص/959) ، وأبوه متكلّم فيه (كما تقدّم ص/959 أيضا) ، ولا يتابع العلاء على رفعه للحديث عن هشام.
وخالفه: سفيانُ الثّوريّ (كما عند: التّرمذيّ في جامعه 4/527 رقم الحديث/2414، والعلل له أيضا ص/366) ، وعبد الله بن المبارك (أشار لروايته: ابن أبي حاتم في العلل 2/111 رقم/1827) فروياه عن هشام عن أبيه عن عائشة موقوفا، بنحوه إلاّ أنّ ابن المبارك قال: عن هشام عن رجل عن عروة.
قال أبو حاتم (كما في: العلل لابنه، الموضع المتقدّم) : "وهذا هو الصّحيح" أي: الموقوف.
وقال الألبانيّ في: تخريج شرح الطّحاوية (ص/268) عن سند التّرمذيّ: "سنده صحيح، رجاله كلّهم ثقات".
وروي الحديث مرفوعا من طريق أخرى عن عروة، فقد رواه: ابن حبّان في صحيحه (الإحسان 1/510 رقم الحديث/276) ، والقضاعيّ في: (الشِّهاب 1/300 رقم/499) ، ومُشْرق بن عبد الله في: (حديثه [5/أ] ، [61/ب] ) ، والبيهقيّ في: (الزّهد الكبير ص/333 ورقمه/892) كلّهم من طرق عن عثمان بن واقد عن أبيه عن محمَّد بن المنكدر عن عروة به ...
قال الألبانيّ في تخريجه للكتاب المتقدّم، الموضع نفسه: "وهذا سند حسن، رجاله كلّهم ثقات معروفون، وفي عثمان بن واقد كلام، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، وفي: التّقريب [ص/387 ت/4526] : صدوق ربّما وهم".
هذا وجاء الحديث من طرق أخرى عن عائشة مرفوعا، وموقوفا، وهي كالتّالي:
الطّريق الأولى: طريق عامر الشعبيّ عنها ...
رواها: ابن أبي شيبة في: (المصنّف 6/153 ورقمها/2) ، وأبو داود في: (الزّهد ص/285 ورقمها/337) ، ووكيع في: (أخبار القضاة 1/38) ، كلّهم من طرق عن زكريّا بن أبي زائدة عن عبّاس بن ذريح عنه عن عائشة به موقوفا ... وهذا إسناد صحيح.
ورواه وكيع في: (الزّهد 3/844 ورقمه/523) ومن طريقه: الإمام أحمد في: (الزّهد أيضا ص/241 ورقمه/915) عن زكريّا عن عامر به، ولم يذكر فيه: ابن ذريح، فلعلّ زكريّا سمعه على الوجهين، فحدّث به تارة كذا، وتارة كذا والله أعلم.
وروي مرفوعا من طريق أخرى عن زكريّا ... فرواه الحميديّ في: (المسند 1/129 رقم الحديث/266) ومن طريقه: البيهقيّ في الزّهد (ص/331 ورقمه/886) وأبو داود في: (الزّهد ص/283- 284 رقم/236) عن عبد الله بن محمَّد الزُّهريّ،
وأبو بكر محمَّد بن أحمد المعدّل في: (أماليه [6/أ] ) بسنده عن عبد الجبّار ابن العلاء ثلاثتهم عن سفيان (هو: ابن عيينة) عن الشّعبيّ عن عائشة به ... فإذا صحّ سماع الشّعبيّ من عائشة فهذا إسناد حسن، فيه: عبد الله بن محمَّد، صدوق (انظر: التّقريب ص/321 ت/3589) ، (وانظر حول سماع الشّعبيّ من عائشة: التّأريخ لابن معين رواية الدّوريّ (2/286) ، وسؤالات الآجريّ أبا داود [5/545 ت/1037] .
الطريق الثّانية: طريق القاسم عنها ...
رواها: أبو داود في: (الزُّهد أيضا ص/277 رقم الحديث/329) ، والبيهقيّ في: (الأسماء والصّفات 2/474 ورقمها/1059) من طرق عن غندر عن شعبة عن واقد بن محمَّد عن ابن أبي مليكة عنه عن عائشة به موقوفا ...
وأخرجه عبد بن حميد في مسنده (المنتخب ص/440 رقم/1524) ، ووكيع في: (أخبار القضاة 1/38) ، وابن حبّان في صحيحه (الإحسان 1/511 رقم الحديث/277) ، وابن شاذان في: (فوائده [2/7أ- ب] ) ، والبيهقيّ في: (الزّهد الكبير ص/332- 333 ورقمه/890، 891، والأسماء والصّفات 2/267) ، وابن حجر في: (الأمالي المطلقة ص/119) كلّهم من طرق عن عثمان ابن عمر عن شعبة به ... قال البيهقيّ: "ربما رفعه عثمان، وربّما لم يرفعه"، وقال ابن حجر: "هذا حديث صحيح ... وإسناده على شرط الشّيخين، ولم يخرجاه من هذا الوجه..".
وجاء أيضا من طريق النّضر بن شميل عن شعبة عن محمَّد بن عبيد الله بن أبي مليكة عن القاسم به،
انظر: العلل الكبير للتّرمذيّ (2/837) ، وعلل الدّارقطنيّ [5/42 أ] .
الطرّيق الثّالثة: طريق عبّاس بن ذَريح عنها:
رواها ابن المبارك في: (الزّهد 1/235 رقم/189) عن عنبسة بن سعيد عنه عن عائشة به موقوفا ...
وهذا إسناد منقطع، عبّاس لم يسمع من عائشة، بينه وبينها الشّعبيّ (كما تقدّم ص/865، وانظر: تهذيب الكمال 14/210 ت/3119) .
الطّريق الرّابعة: طريق معمر عنها:
رواها: عبد الرّزّاق في: (المصنّف 11/451) عنه به موقوفا أيضا..
وهذا معضل بين معمر وعائشة (انظر: تهذيب الكمال 28/303 ت/6104، وجامع التّحصيل ص/283 ت/786) .
الطّريق الخامسة: رجل عنها: رواها ابن المبارك في: (الزّهد 1/234 رقم/188) ومن طريقه: التّرمذيّ في جامعه (4/527 رقم/2414) عن عبد الوهّاب بن الورد عن رجل عنها به، مرفوعا ...
قال العراقيّ في: تخريج الإحياء (2/1007) : "في سند التّرمذيّ من لم يسمّ".
وقال الألبانيّ في: تخريجه لشرح الطّحاويّة (ص/268) : "إسناده ضعيف؛ لجهالة الرّجل الّذي لم يسمّ".
هذا، وقال العقيليّ في: (الضّعفاء 3/343) عن الحديث: (ولا يصحّ في الباب مسندًا، وهو موقوف من قول عائشة) اه.
وشطر كلامه الأوّل لعلّه صحيح باعتبار طريق بعينها، وإلاّ فلا، فإن المرفوع بمجموع طرقه لا ينزل عن درجة الصّحيح لغيره، وقد قال الألبانيّ في الكتاب الآنف الذّكر (ص/269) :
(الصّواب عندي أنّ الحديث صحيح موقوفا، ومرفوعا، أمّا الموقوف فظاهر الصّحّة، وأمّا المرفوع فلأنّه جاء من طريق حسنة عن عثمان بن واقد، فإذا انضمّ إليه طريق التّرمذيّ ارتقى الحديث إن شاء الله إلى درجة الصّحيح) اه.
وهذا وجيه، خصوصا إذا أضفنا إلى المرفوع طريق سفيان عن زكريّا، وطريق عثمان بن عمر عن شعبة، وطريق عبد الوهّاب بن الورد، المتقدّم ذكرها والله تعالى أعلم.

الصفحة 922