كتاب الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
يسمونهم بالفقراء يذكرون أمام الجنازة وهو من الحدث في الدين ومخالف لسنة سيد المرسلين وأصحابه والسلف الصالح يجب منعه على من له قدرة مع الزجر والأدب ويزيد بعضهم زعقات النساء من خلفهم وكشف الوجوه واللطم على الخدود وما أشبه ذلك، وكله ضد ما كانت عليه جنائز السلف لأن جنائزهم كانت على التزام الأدب والسكون والخشوع حتى أن صاحب المصيبة كان لا يعرف من بينهم لكثرة حزن الجميع وما أخذهم من القلق والانزعاج بسبب الفكر فيما هم إليه صائرون، وعليه قادمون. حتى لقد كان بعضهم يريد أن يلقى صاحبه لضرورات تقع له عنده فيلقاه في الجنازة فلا يزيد على السلام الشرعي شيئا كما قال الحسن البصري –رضي الله عنه-: "ميت غد يشيع ميت اليوم" وانظر إلى قول ابن مسعود – رضي الله عنه- لمن قال في الجنازة استغفروا لأخيكم يعني الميت فقال له لا غفر الله لك. فإذا كان هذا حالهم في تحفظهم من رفع الصوت بمثل هذا اللفظ. فما بالك بما يفعله غالب أهل هذا الزمان من رفع الأصوات بنحو ما تقدم اهـ.
وقال الإمام النووي –رحمه الله تعالى-: الصواب ما كان عليه السلف من السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غيرهما لأنه أسكن للخاطر وأجمع للفكر فيما يتعلق بالجنازة وهو مطلوب في هذا الحال، هذا هو الحق ولا تغتر بكثرة من يخالفه (فقد قال) الفضيل بن عياض –رضي الله عنه- ألزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة
الصفحة 102
128