كتاب الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ثم يسبح الله ويحمده ويكبره ثلاثا وثلاثين مرة بشكل منفرد؟ هل تجري هذه الأذكار بشكل أم أن الإمام يأمر بها واحدة واحدة؟
جواب: هذه الصفات التي ذكرها السائل في كون الإمام يقول: سبحان الجليل العظيم وما أشبه هذه بدعة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم: وإنما الوارد أن كل إنسان يستغفر الله ويذكر لنفسه. لكن السنة الجهر بالذكر بعد السلام من الصلاة: فقد ثبت عن ابن عباس – رضي الله عنهما- أنه قال: كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وأنه كان يعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعهم، وهذا دليل على أن السنة الجهر بالذكر بعد الصلاة خلافا لما كان عليه أكثر الناس اليوم من الإسرار به، وبعضهم يجهر بالتهليلات دون التسبيح والتحميد والتكبير، ولا أعلم لهذا أصلا من السنة في التفريق بين هذا وهذا. وإنما السنة الجهر، وقول بعض الناس: إن الرسول صلى الله عليه وسلم جهر بالذكر بعد الصلاة من أجل أن يعلمه الناس، هذا قول فيه نظر؛ وذلك لأن التعليم من النبي عليه الصلاة والسلام قد حصل بالقول كما قال للفقراء من المهاجرين: "تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثين وثلاثين" (1) . ثم إننا نقول: هب أن المقصود بذلك التعليم. فالتعليم كما يون في صل الدعاء. أو في أصل الذكر يكون أيضا بصفته، فالرسول صلى الله عليه وسلم علم هذا الذكر أصله وصفته وهو الجهر، كون الرسول
__________
1- البخاري (843) (6329) ومسلم (595) .
الصفحة 70
128