كتاب الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع

على الذاكر والدعاء على الداعي. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهر بالقرآن إذا حصل من الجهر به تشويش على الغير كما في الموطأ (1) عن أبي حازم التمار عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. وروى أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه عن أبي سعيد الخدري (2) -رضي الله عنه- قال: اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: "ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة" قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الحافظ الذهبي في تلخيصه وقال ابن عبد البر – رحمه الله تعالى- حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان انتهى. وفي المسند (3) من حديث عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف وخطب الناس فقال أما إن أحدكم إذا قام في الصلاة فإنه يناجي ربه فليعلم أحدكم ما يناجي ربه ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة. وإذا كان المصلي منفردا ومثله التالي للقرآن في غير صلاة منهيا عن الجهر الذي يحصل منه تشويش على من حوله من المصلين والتالين فنهي المتجاوبين
__________
1- رواه الإمام مالك في الموطأ رقم (176) . 1/ 80.
2- رواه أبو داود رقم (1331) 2/ 38، والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الصحيحين ولم يخرجاه رقم (1169) 1/454، قال الألباني: صححه في صحيح الجامع رقم (1951) .
3- رواه الإمام أحمد رقم (4928) 2/ 36.

الصفحة 82