كتاب الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع

ذلك كما في الصحيحين وغيرهما من حديث خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فجلنا لا نصعد شرفا ولا نعلو شرفا ولا نهبط في واد إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير قال فدنا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنكم تدعون سميعًا بصيرا. هذا لفظ البخاري. وفي رواية لهما عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أبي موسى – رضي الله عنه- قال لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أو قال لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ارشرفوا على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنكم تدعون سميعًا قريبا وهو معكم. هذا لفظ البخاري (1) . وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على الذين رفعوا أصواتهم بالتكبير والتهليل وهم في الفضاء فالإنكار على المتجاوبين بذلك بالأصوات العالية في المسجد الحرام أولى لأنهم قد ضموا إلى رفع الأصوات به بدعة وهي اجتماع الجماعة على إيقاعه بأصوات متطابقة كما يفعله المغنون. وضموا إلى ذلك أيضا تطريبا وتشويشا على الحاضرين وكل من هذه الأفعال غير جائز. وفي الصحيحين وسنن أبي داود وابن ماجه عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (2) . وفي رواية لأحمد
__________
1- متفق عليه رواه البخاري رقم (1830) 3/ 1091، ومسلم رقم (1704) 4/ 2077.
2- متفق عليه رواه البخاري رقم (2550) 2/ 959، ومسلم رقم (1718) 3/1343.

الصفحة 88