كتاب الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
والسنة الماضية أن يكبر عند خروجه إلى المصلى وأن يجهر بالتكبير فيسمع نفسه ومن يليه والزيادة على ذلك من البدع إذ أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما ذكر ورفع الصوت بذلك يخرج عن حد السمت والوقار ولا فرق في ذلك بين الإمام والمؤذن والمأموم فإن التكبير مشروع في حقهم أجمعين بخلاف المشي على صوت واحد فإنه بدعة لأن المشروع أن يكبر كل إنسان. لنفسه ولا يمشي على صوت غيره انتهى.
فإن احتج أحد من المبتدعين الذين أشرنا إليهم أو احتج لهم غيرهم بأن عمر –رضي الله عنه- كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا. وأن ابن عمر وأبا هريرة –رضي الله عنهما- كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
فالجواب: أن يقال أن سماع أهل المسجد لعمر –رضي الله عنه- لا يدل على أنه كان يرفع صوته بالتكبير رفعا منكرا كما يفعله المتجاوبون في المسجد الحرام وإنما كان –رضي الله عنه- جهير الصوت وكانت قبته إلى جانب المسجد فكان إذا كبر وهو فيها سمعه أهل المسجد فتنبهوا من غفلتهم وكبروا وكذلك أهل الأسواق وإذا سمعوا تكبير من في المسجد تنبهوا من غفلتهم وكبروا. ومثل ذلك فعل ابن عمر وأبي هريرة –رضي الله عنهما- فإنهما كانا إذا مرا في السوق كبرا فتنبه أهل السوق من غفلتهم وكبروا بتكبيرهما. ولم يذكر عن عمر وابنه وأبي هريرة –رضي الله عنهم- أنهم كانوا يبالغون في رفع أصواتهم بالتكبير وحاشهم أن يخالفوا قول النبي صلى الله عليه وسلم اربعوا على أنفسكم فإنكم لا
الصفحة 90
128