كتاب الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع
تدعون أصم ولا غائبا. وأيضا فإن عمر وابنه وأبا هريرة –رضي الله عنهم- كان كل منهم يكبر على حدته وكذلك كل من سمعهم فإن كلا منهم يكبر على حدته ولم يكن في فعلهم تلحين وتطريب ولا اجتمع اثنان منهم فضلا عن الجماعة على التجاوب به وإخراجه بأصوات عالية متطابقة كما يفعله المغنون وكما يفعله المتجاوبون في المسجد الحرام. فعمر وابنه وأبو هريرة – رضي الله عنهم- كانوا على طريقة حسنة بخلاف المتجاوبين في المسجد الحرام فإنهم على طريقة مبتدعة وكل بدعة ضلالة. وأيضا ففعل عمر وابنه أبي هريرة –رضي الله عنهم- ليس فيه تشويش على الناس وتخليط عليهم وإنما فيه إيقاظ الغافلين منهم وبعث هممهم على ذكر الله تعالى. وهذا بخلاف فعل المتجاوبين في المسجد الحرام فإنهم كانوا يشوشون على الحاضرين غاية التشويش فتلتبس القراءة على القارئين والذكر على الذاكرين والدعاء على الداعين في حال تجاوب أولئك. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا كما تقدم في حديث البياضي وأبي سعيد وابن عمر –رضي الله عنهم-. وقد ذكر كثير من الفقهاء أنه يستحب الجهر بالتكبير في العيدين وأيام العشر. ومرادهم بالجهر ضد الإسرار لا رفع الأصوات المنكرة به فإن ذلك لا يجوز لما ذكرنا من حديث أبي موسى –رضي الله عنه-. وقد تقدم قول ابن الحاج المالكي أن الزيادة على إسماع نفسه ومن يليه بدعة. وإذا ضم إلى رفع الأصوات به التلحين والتطريب والتشويش على الغير وتشبيه ذكر الله بالغناء فذلك زيادة منكر إلى منكر. فالواجب على ولاة الأمور أن يأخذوا على أيدي أولئك الجهال ويمنعوهم من التجاوب
الصفحة 91
128