كتاب فتاوى أركان الإسلام

قالت: في السماء، قال: ((أعتقها فإنها مؤمنة)) . رواه مسلم (¬1) من حديث طويل عن معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- وهو صريح في إثبات العلو الذاتي لله تعالى، لأن ((أين)) إنما يستفهم بها عن المكان وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المرأة حين سألها أين الله؟ فأقرها على أنه تعالى في السماء، وبين أن هذا مقتضى الإيمان حين قال: ((أعتقها فإنها مؤمنة)) . فلا يؤمن العبد حتى يقر ويعتقد أن الله تعالى في السماء، فهذه أنواع الأدلة السمعية الخبرية من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تدل على علو الله تعالى بذاته فوق خلقه، أما أفراد الأدلة فكثيرة لا يمكن حصرها في هذا الموضع، وقد أجمع السلف الصالح 0رضوان الله عليهم- على القول بمقتضى هذه النصوص، وأثبتوا لله تعالى العلو الذاتي، وهو أنه سبحانه عال بذاته فوق خلقه، كما أنهم مجمعون على إثبات العلو المعنوي له وعلو الصفات، قال الله تعالى: (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الروم: الآية27) وقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (لأعراف: الآية180) قال تعالى: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل: الآية74) وقال: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: الآية22) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كماله في ذاته وصفاته وأفعاله.
وكما أن علو الله تعالى الذاتي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وإجماع السلف، فقد دل عليه العقل، والفطرة.
¬_________
(¬1) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة (537) .

الصفحة 80