كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

الثامنة والعشرون: التعبّد بتحريم الحلال.
فردّ الله تعالى ذلك عليهم بقوله في سورة الأعراف: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ.قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} 1.
ومعنى الآيات: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} , أي: ثيابكم لمواراة عوراتكم عند طواف أو صلاة.
وسبب النزول: أنه كان أناس من الأعراب يطوفون بالبيت عراة, حتى إن كانت المرأة لتطوف البيت عريانة, فتعلق على سفلها سيورا مثل هذه السيور التي تكون على وجه الحمر والدواب وهي تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أحله
فأنزل الله تعالى هذه الآية: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ} مما طاب لكم2.
قال الكلبي: كان أهل الجاهلية لا يأكلون من الطعام إلا قوتا, ولا يأكلون دسما في أيام حجهم, يعظمون بذلك حجهم, فقال
__________
1 الأعراف: 31-33
2 مما طاب لكم" ساقط من المطبوع.

الصفحة 104