كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

يسمع , فقال الآخر: إن سمع منه شيئا سمعه كله, قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ....} إلى قوله: {مِنَ الْخَاسِرِينَ} .
فهذا هو الإلحاد في الصفات.
وأنت تعلم أن ما عليه أكثر المتكلمين المسلمين من الإلحاد في الأسماء والصفات فوق ما كان عليه أهل الجاهلية, فسموا الله بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان, ومنهم من قال: ليس لله صفات قامت به, ومنهم من قال: صفاته ليس عين ذاته ولا غيره, ومنهم من قال: إن صفاته غيره, ومنهم من قال: إن الله لم يتكلم بالكتب التي أنزلها, وأثبتوا له الكلام النفسي, وأنه لم يكلم أحدا من رسله, إلى غير ذلكمن الإلحاد الذي حشوا به كتبهم, وملؤوها من الهذيان, وطنوا أن الآية مختصة بأهل الجاهلية, وما دروا أنهم الفرد الكامل لعمومها.
ومن بصره الله تعالى ونوّر قلبه, أعرض عن أخذ عقائده من كتب هؤلاء الطوائف, وتلقى معرفة إلهه من كتب السلف المشتملة على نصوص الكتاب والسنة.

الصفحة 110