كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

الرابعة والثلاثون: إنكار النبوات, وكانوا يقولون: ما حكى الله عنهم قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ1 كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} 2.
وتفسير هذه الآية: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ} شروع في تقرير أمر النبوة, وبعد ما حكى الله –سبحانه- عن إبراهيم عليه السلام, أنه ذكر دليل التوحيد وإبطال الشرك, وقرر سبحاه ذلك بأوضح الدليل3 وبأوضح وجه.
{حَقَّ قَدْرِهِ} , أي: حق معرفته4.
وعن بعضهم: ما عظموا الله حق تعظيمه5, إذ قالوا منكرين لبعثه
__________
1 قوله تعالى: {يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ} كذا في المخطوط, وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو.
انظر: "المبسوط في القراءات العشر" لابن مهران ص 172.
2 الأنعام: 90-91.
3 في المطبوع: "بأفصح الدليل".
4 وهذا قول أبي عبيدة معمر بن المثنى كما في: "مجاز القرآن" (1/200) , وانظر: "النكت والعيون" (2/141) , و" زاد المسير" (3/83) .
5 وهذا قول ابن عباس كما في زاد المسير (3/83) , وأبي مالك أخرجه عنه أبو حاتم في تفسيره (4/1341) , من طريق السدي, وهو قول الحسن كما في "نكت العيون" (2/141) , و "زاد المسير" (3/83) , والفراء في معاني القرآن (1/343) , والزجاج في معاني القرآن وإعرابه (2/271) .

الصفحة 123