كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

لم يشأ منهم إلا ما صدر عنهم, وأنه تعالى لو شاء منهم الهداية لاهتدوا أجمهون.1
والمقصود أن يتمحض وجه الرد عليهم, وتتلخص عقيدة نفوذ المشيئة2 وعموم تعلقها3 بكل كائن عن الرد, وينصرف الرد إلى دعواهم سلب الاختيار لأنفسهم, وأن إقامتهم الحجة بذلك خاصة.
وإذا تدبرت الآية وجدت صدرها دافعا لصدور الجبرية, وعجزها معجزا للمعتزلة, إذ الأول مثبت أن للعبد اختيارا وقدرة على وجه يقطع حجته وعذره في المخالفة والعصيان, والثاني مثبت نفوذ مشيئة الله تعالى في العبد, وأن جميع أفعاله على وفق المشيئة الإلهية, وبذلك تقوم الحجة البالغة4 لأهل السنة على المعتزلة, والحمد لله رب العالمين.
ومنهم من وجه الآية بأن مرادهم رد دعوة الأنبياء عليهم السلام على معنى أن الله تعالى شاء شركنا, وأراده منا؟ , وأنتم تخالفون إرادته, حيث تدعونا إلى الإيمان, فوبخهم سبحانه بوجوه عدة5:
منها: قوله سبحانه: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} , فإنه بتقدير الشرط, أي: إذا كان الأمر كما زعمتم {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَة}
__________
1 في المخطوط "أجمعون"
2 في المخطوط والمطبوع " السنة" والتصويب من " روح المعاني" الذي نقل المؤلف عنه تفسير الآيات.
3 في المخطوط والمطبوع "تغلغلها", والتصويب من روح المعاني.
4 " البالغ" ليست في المطبوع.
5 في المخطوط "عد" ولعل الصواب ما في المطبوع.

الصفحة 129