كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

وقوله سبحانه {فَلَوْ1 شَاءَ} بدل2 منه على سبيل البيان, أي: لو شاء لدلّ كلا منكم ومن مخالفيكم على دينه, لو كان الأمر كما تزعمون, لكان الإسلام أيضا بالمشيئة, فيجب أن لا تمنعوا3 المسلمين من الإسلام, كما وجب بزعمكم ألا يمنعكم الأنبياء عن الشرك, فيلزمكم أن لا يكون بينكم وبين المسلمين مخالفة ومعاداة, بل موافقة وموالاة.
وحاصله: أن ما خالف مذهبكم من النحل يجب أن يكون عندكم حقا, لأنه مشيئة الله تعالى , فيلزم تصحيح الأديان المتناقضة.
وفي سورة النحل: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} 4.
الكلام على هذه الآية كالكلام على الآية السابقة, ولا تراهم يتشبتون بالمشيئة إلا عند انخزال الحجة, ألا ترى كيف ختم بنحو آخر مجادلاتهم في سورة الأنعام في الآية السابقة, وكذلك في سورة الزخرف, وهو قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ. وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ. أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ. بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} 5.
__________
1 في المخطوط "ولو" وهو خطأ.
2 في المطبوع "بدلا"
3 في المخطوط " يمنعوا" ولعل الأقرب ما أثبته, وهو الموافق لما في روح المعاني الذي نقل عنه المؤلف.
4 النحل: 35
5 الزخرف: 19-22

الصفحة 130