كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

السادسة والثلاثون: مسبة الدهر, كقولهم في سورة الجاثية1: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} 2.
وذلك أن الله تعالى أراد بيان أحكام ضلالهم, والختم على سمعهم وقلوبهم, وجعل غشاوة على أبصارهم, فحكى عنهم ما صدر عنهم بقوله سبحانه وتعالى:
{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} التي نحن فيها.
{نَمُوتُ وَنَحْيَا} , أي: تموت طائفة, وتحيا طائفة, ولا حشر أصلا.
ومنهم من قال: إن كثيرا من عباد الأصنام كان يقول بالتناسخ3, وعليه, فالمراد بالحياة: إعادة الروح لبدن آخر.
{وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} , أي: طول الزمان.
وإسنادهم الإهلاك إلى الدهر إنكار منهم لملك الموت وقبضه الأرواح
__________
1 في المخطوط "الأحقاف" وهو خطأ.
2 الجاثية: 24.
3 عرف الجرجاني التناسخ بقوله في التعريفات ص 72,: "هو عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر, من غير تخللزمان بين التعلقين للتعشق الذاتي بين الروح والجسد".
وانظر فيما ينقل عن القول بالتناسخ لدى العرب: " المحلل والنحل" (2/273) , "في الفكر الديني الجاهلي قبل الإسلام" دز محمد الفيومي 241-242.

الصفحة 133