كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

بأمر الله تعالى, وكانوا يسندون الحوادث مطلقا إليه, لجهلهم أنها مقدّرة من عند الله تعالى وأشعارهم لذلك مملؤة من شكوى الدهر, مثل قولهم:
أشاب الصغير وأفنى الكبير ... كر الغاداة ومر العشي1
ومثل قول الآخر:
منع البقاء تقلب الشمس ... وطلوعها من حيث لا تمسي2
وقول الآخر:
رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبالي
وكنت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال3
والشعر في ذلك قديما وحديثا كثير.
وهؤلاء معترفون بوجود الله تعالى, فهم غير الدهرية, فإنهم- مع إسنادهم الحوادث إلى الدهر- لا يقولون بوجوده –سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
والكل يقول باستقلال الدهر بالتأثير.
__________
1 هذا البيت مع أبيات أخرى ذكرها ابن قتيبة في " الشعر والشعراء" (1/502) , وأبو تمام في " الحماسة" مع شرح التبريزي, والمبرد في " الكامل" (2/156) , وابن عبد ربه في " العقد الفريد" (3/188) , والعباسي في "معاهد التنصيص" (1/73) , والبغدادي في " خزانة الأدب" (2/160) , ونسبوها إلى الصلتان العبدي, وذكرها الجاحظ في " الحيوان" 3 (477/) , ونسبها إلى الصلتان السعدي, وقال: هو غير الصلتان العبدي.
2 ذكره ابن عساكر في " تاريخ دمشق" (11/19) , والزمخشري في " ربيع الأبرار" (1/127) , ونسباه إلى تبع, وذكره أبو هلال العسكري في " الصناعتين" ص 222 ونسبه إلى بعض ملوك اليمن.
3 هذان البيتان للمتنبي وهما في ديوانه ص 265.

الصفحة 134