كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

وأما الجاهليون من اليهود والنصارى, فقد اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم, وذلك أن أحبارهم ورهبانهم ابتدعوا لهم في الدين بدعا, وحللوا وحرموا ما اشتهته أنفسهم, فقبلوا ذلك منهم وأطاعوهم عليه, مع أن الدين إنما يكون بتشريع الله ووحيه إلى أنبيائه ورسله, ولا يكون بآراء الرجال وبحسب أهوائهم, فكل ما لا دليل عليه من كتاب ولا سنة مردود على صاحبه.
وقد ذم الله تعالى اليهود على مثل ذلك, فقال عز اسمه- في سورة آل عمران: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .
فمن أول نصوص الكتاب والسنة على حسب شهواته وبمقتضى هواه فهو أيضا من قبيل الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب.
وأنت تعلم ما اشتملت عليه اليوم كثير من كتب الشريعة من الآراء التي ليس لها مستند من دلائل الشريعة, فإلى الله المشتكى من صولة الباطل وخمول الحق.
__________
آل عمران: 78.
في المطبوع: "مااشتمل".

الصفحة 154