كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

قيل: أما من قتل من الأنبياء فهم كمن يقتل من المؤمنين في الجهاد شهيدا.
قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ. وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. فَآتَاهُمُ1 اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} 2.
ومعلوم أن من قتل من المؤمنين شهيدا3 في القتال, كان حاله أكمل من حال من يموت حتف أنفه.
قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} 4.
ولهذا قال تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} 5 , أي: إما النصر والظفر, وإما الشهادة والجنة.
ثم إن الدين الذي قاتل عليه الشهداء ينتصر ويظهر, فيكون لطائفته السعادة في الدنيا والآخرة: من قتل منهم كان شهيدا, ومن عاش منهم كان منصورا سعيدا, وهذا غاية ما يكون من النصر, إذ كان الموت لا بد منه, فالموت على الوجه الذي تحصل به سعادة الدنيا والآخرة أكمل, بخلاف من يهلك هو وطائفته, فلا يفوز لا هو ولا هم بمطلوبهم لا في الدنيا ولا في الآخرة.
__________
1 في المخطوط "فأثابهم" وهو خطأ.
2 آل عمران: 146-148.
3 في المخطوط "شهيد" والصواب ما أثبته.
4 آل عمران: 169.
5 التوبة: 52.

الصفحة 161