كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً. عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} 1.
فكان ظهور بني إسرائيل على عدوهم تارة, وظهور عدوهم عليهم تارة من دلائل نبوة موسى صلى الله عليه وسلم على عدوهم تارة, وظهور عدوهم تارة2, هو من دلائل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته.
وكان نصر الله لموسى وقومه على عدوهم في حياته وبعد موته, كما جرى لهم من يوشع وغيره من دلائل نبوة موسى, وكذلك انتصار المؤمنين مع محمد صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته مع خلفائه من أعلام نبوته ودلائلها.
وهذا بخلاف الكفار الذين ينتصرون على أهل الكتاب أحيانا, فإن أولئك لا يكون مطاعم إلى نبي, ولا يقاتلون أتباع الأنبياء على دين, ولا يطلبون من أولئك أن يتبعوهم على دينهم, بل قد يصرحون بأنا إنما نصرنا عليكم بذنوبكم, وأن لو اتبعتم دينكم لم ننصر عليكم.
وأيضا فلا عاقبة لهم, بل الله يهلك الظالم بالظالم, ثم يهلك الظالمين جميعا, ولا قتيلهم يطلب بقتله سعادة بعد الموت, ولا يختارون القتل ليسعدوا بعد الموت.
فهذا وأمثاله مما يظهر الفرق بين انتصار الأنبياء وأتباعهم, وبين ظهور
__________
1 الإسراء: 4-8.
2 في المطبوع " وظهور عدوهم عليهم تارة" وما أثبته موافق للمطبوع من الجواب الصحيح, وما في المطبوع موافق لبعض النسخ الخطية للجواب الصحيح كما بين ذلك محقق الكتاب.

الصفحة 164