كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

بعض الكفار على المؤمنين, أو ظهور بعضهم على بعض, وبيّن1 أن ظهور محمد صلى الله عليه وسلم وأمته على أهل الكتاب: اليهود والنصارى, هو من جنس ظهورهم على المشركين: عباد الأوثان, وذلك من أعلام نبوته ودلائل رسالته, ليس هو كظهور بخت نصر على بني إسرائيل وظهور الكفار على المسلمين.
وهذه الآية مما أخبر بها2 موسى, وبيّن أن الكذاب المدعي للنبوة لا يتم أمره, وإنما يتم أمر الصادق.
فإن من أهل الكتاب من يقول: محمد وأمته سلطوا علينا بذنوبنا مع صحة ديننا الذين نحن عليه, كما سلط بخت نصر وغيره من الملوك.
وهذا قياس فاسد , فإن بخت مصر لم يدع النبوة, ولا قاتل على دين, ولا طلب من بني إسرائيل أن ينتقلوا من شريعة موسى إلى شريعته, فلم يكن في ظهوره إتمام لما ادعاه من النبوة ودعا إليه من الدين, بل كان بمنزلة المحاربين قطاع الطرق الذين ظهروا على القوافل, بخلاف من ادعى نبوة ودينا, ودعا إليه ووعد أهله بسعادة الدنيا والآخرة, وتوعد مخالفيه بشقاوة الدنيا والآخرة, ثم نصره الله وأظهره وأتم دينه وأعلى كلمته وجعل له العاقبة وأذل مخالفيه.
فإن هذا من جنس خرق العادات المقترن بدعوى النبوة, فإنه دليل عليها, وذاك من جنس خرق العادات التي لم تقترن بدعوى النبوة3 فإنه ليس دليلا عليها.
__________
1 في المطبوع "ويبين" وما أثبته هو الموافق لما في الجواب الصحيح.
2 في المطبوع "به" وما أثبته هو الموافق لما في الجواب الصحيح.
3 في المطبوع "المقترن بدعوى النبوة" وهو خطأ.

الصفحة 165