كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

الواقع على ذلك أيضا بالحكمة, فحكمته تناقض أن يفعل ذلك, إذ الحكيم لا يفعل هذا.
وقد قال تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً. سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} 1.
فأخبر أن سنة الله التي لا تبديل لها: نصر المؤمنين على الكافرين.
والإيمان المستلزم لذلك يتضمن طاعة الله ورسوله, فإذا نقص الإيمان بالمعاصي كان الأمر بحسبه, كما جرى يوم أحد.
وقال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ2 نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً. اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} 3.
فأخبر أن الكفار لا ينظرون إلا سنة الأولين, ولا يوجد لسنة الله تبديل, لا تبدل بغيرها ولا تتحول, فكيف النصر للكفار على المؤمنين الذين يستحقون هذا الاسم؟!.
وكذلك قال في المنافقين- وهم الكفار في الباطن دون الظاهر- ومن فيه شعبة من نفاق: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً. مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا
__________
1 الفتح: 22-23
2 في المخطوط والمطبوع "جاءكم" وهو خطأ.
3 فاطر: 42-43

الصفحة 167