كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

الرابعة والخمسون: تحريف الكلم عن مواضع ولي الألسنة بالكتاب.
قال تعالى في سورة آل عمران: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 1.
روي أن الآية نزلت في اليهود والنصارى جميعا, وذلك أنهم حرفوا التوراة والإنجيل, وألحقوا بكتاب الله تعالى ما ليس منه2.
واختلف الناس في أن المحرف هل كان يكتب في التوراة أم! , فذهب جمع إلى أنه ليس في التوراة سوا كلام الله تعالى, وأن تحريف اليهود لم يكن إلا تحريفا وقت القراءة, وتأويلا باطلا للنصوص, وأما أنهم يكتبون ما يرومون في التوراة على تعدد نسخها فلا.
واحتجوا لذلك بما روي أن التوراة والإنجيل كما أنولهما الله تعالى, لم يغير منهما حرف, ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم, ويقولون: إن ذلك من عند الله, وما هو من عند الله, فأما كتب الله تعالى فإنها محفوظة لا تحول.
وبأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لليهود: إلزاما لهم:" ائتوا بالتوراة فاتلوها إن
__________
1
2

الصفحة 178