كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

كنتم صادقين", وهم يمتنعون عن ذلك, فلو كانت مغيرة إلى ما يوافق مرامهم ما امتنعوا, بل وما كان يقول لهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, لأنه يعود على مطلبه الشريف بالإبطال.
وذهب آخرون إلى أنهم بدلوا, وكتبوا ذلك في نفس كتابهم, واحتجوا على ذلك بكثير من الظواهر.
ولا يمنع من ذلك تعدد النسخ, لاحتمال التواطوء, أو فعل ذلك في البعض دون البعض, وكذلك لا يمنع منه قول الرسول لهم ذلك, لاحتمال علمه ببقاء بعض ما يفي بغرضه سالما عن التغيير, إما لجهلهم بوجه دلالته, أو لصرف الله تعالى إياهم عن تغييره.
وتمام الكلام في تفسير الجد عند الكلام على هذه الآية , وكذا في الجواب الصحيح لشيخ الإسلام.
وكثير من الأمة المحمدية سلكوا مسلك الكتابيين في التحريف والتأويل, واتباع شهواتهم.
وقال تعالى في سورة النساء" {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً} .
والكلام على هذه الآية أيضا مستوفى في التفسير.
__________
روح المعاني " (3/206-207)
(2/18-27) , وانظر: إغاثة اللهفان لا بن القيم (2/351-354)
النساء: 46.

الصفحة 179